2007-09-14

نشأته وحياته

نشأ الإمام الشافعي القرشي المطلبي في مكة، وكان غاية في الفصاحة. وتفقه على يد فقهاء مكة، وكان يقرأ القرآن بحروف ابن كثير مقرئ أهل مكة (وقراءته هي قراءة متواترة). ثم رحل إلى المدينة فتفقه على الإمام مالك حتى وفاته. وسافر إلى العراق مرتين، ودرس الفقه الحنفي من الإمام محمد بن الحسن الشيباني (صاحب أبي حنيفة)، وتناظرا هناك وتصاحبا. كما لقي عدداً من أهل الحديث الكبار كالإمام أحمد بن حنبل. وبعد أسفار طويلة، استقر الشافعي في مصر بعدما ذهب إليها من بغداد عام 199 هـ مع أميرها العباس بن عبد الله بن العباس. وهناك بدأ في تقوية بناء مدرسته، فهاجم مالكاً لتركه الأحاديث الصحيحة لقول واحد من الصحابة أو التابعين أو لرأي نفسه، وهاجم أبا حنيفة وأصحابه لأنهم يشترطون في الحديث أن يكون مشهوراً، ويقدمون القياس على خبر الآحاد وإن صح سنده. وأنكر عليهم تركهم بعض الأخبار لأنها غير مشهورة، وعملهم بأحاديث لم تصح لأنها مشهورة في الكوفة.
فاستاء منه المالكيون وأخذوا يبتعدون عنه، لأنه أخذ يغير آراءه القديمة التي كان يقول بها سابقاً –والتي كانت موافقة لرأي شيخه مالك في الغالب– ويرسم مكانها رأيه الجديد المتخذ على ضوء القياس المخلوط بالأثر. وبعد أن كان الشافعي ينتصر لمالك في بغداد، فإنه خالفه وانتقده في مصر. يروي ابن عبد البر في كتابه "جامع العلم" أن الشافعي قال: «قدمت إلى مصر، ولم أكن أعرف مالك يخالف من أحاديثه إلا ستة عشر حديثاً. فنظرته وإذا به يقول بالأصل ويدع الفرع، ويقول بالفرع ويدع الأصل»! وهذا يؤكد ما قلناه أن مالكَ لم يكن له مذهب وأصول واضحة يلتزم بها.